موقف الماموم في صلاة الجماعة
فتح المعين واعانة الطالبين - (ج 2 / ص 26 - 32)
(و) منها: (عدم تقدم) في المكان يقينا (على إمام - بعقب) وإن تقدمت أصابعه.
أي لما صح من قوله (ص): إنما جعل الامام ليؤتم به الائتمام: الاتباع.
والمتقدم غير تابع
أي أن الشرط عدم تقدمه بالعقب فقط، سواء تقدمت الاصابع أو تأخرت، فإنه لا يضر ذلك.
وذلك لان فحش التقدم إنما يظهر بالعقب.
أما الشك في التقدم فلا يؤثر ولا يضر مساواته، لكنها مكروهة.
أي كراهة مفوتة لفضيلة الجماعة فيما ساواه فيه فقط.
(وندب وقوف ذكر) ولو صبيا لم يحضر غيره، (عن يمين الامام) وإلا سن له تحويله - للاتباع –
(قوله: وإلا سن) أي وإن لم يقف على يمينه بأن وقف على يساره، سن للامام تحويله من غير فعل كثير.
وعبارة المغنى: فإن وقف عن يساره أو خلفه سن له أن يندار مع اجتناب الافعال الكثيرة، فإن لم يفعل، قال في المجموع: سن للامام تحويله.
وقال سم: فإن خالف ذلك كره، وفاتته فضيلة الجماعة.
كما أفتى به شيخنا الرملي.
وقوله: للاتباع دليل لندب وقوف الذكر عن يمينه، ولندب التحويل.
وذلك
ما رواه الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بت عند خالتي ميمونة،
فقام النبي (ص) يصلي من الليل، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فحولني عن يمينه.
قال في النهاية: ويؤخذ منه أنه لو فعل أحد من المقتدين خلاف السنة استحب للامام إرشاده إليها بيده أو غيرها، إن وثق منه بالامتثال.
ولا يبعد أن يكون المأموم مثله في الارشاد المذكور.
(متأخر) عنه (قليلا)، بأن تتأخر أصابعه عن عقب إمامه.
وخرج بالذكر الانثى، فتقف خلفه، مع مزيد تأخر.
إعانة الطالبين - (ج 2 / ص 28)
ثم
رأيت في فتاوي ابن حجر ما يفيد ذلك، ونص عبارتها: سئل - نفع الله به - عن
قولهم: يستحب أن لا يزيد ما بين الامام والمأمومين على ثلاثة أذرع، فلو ترك
هذا المستحب هل يكون مكروها ؟ كما لو ساواه في الموقف وتفوت به فضيلة
الجماعة أم لا تفوت ؟ وكذلك لو صف صفا ثانيا قبل إكمال الاول، هل يكون كذلك
مكروها تفوت به فضيلة الجماعة أم لا ؟ فأجاب بقوله: كل ما ذكر مكروه مفوت
لفضيلة الجماعة.
فقد
قال القاضي وغيره، وجزم به فيالمجموع، السنة التي لا يزيد ما بين الامام
ومن خلفه من الرجال على ثلاثة أذرع تقريبا، كما بين كل صفين.أما النساء
فيسن لهن التخلف كثيرا.
(فإن جاء) ذكر(آخر، أحرم عن يساره)، ويتأخر قليلا، (ثم) بعد إحرامه (تأخرا) عنه ندبا، في قيام أو ركوع، حتى يصيرا صفا وراءه.
هذا إن كان بيساره محل، وإلا أحرم خلفه ثم تأخر عنه من هو على اليمين.
(قوله: ثم بعد إحرامه تأخرا) أي أو تقدم الامام،
والتأخر أفضل، فإن لم يمكن إلا أحدهما فعل، وأصل ذلك خبر مسلم عن جابر رضي
الله عنه: قمت عن يسار رسول الله (ص) فأدارني عن يمينه، ثم جاء جبار بن
صخر فأقامه عن يساره، فأخذ بأيدينا جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه.
(و) وقوف (رجلين) جاءا معا (أو رجال) قصدوا
الاقتداء بمصل (خلفه) صفا، (و) ندب وقوف (في صف أول) وهو ما يلي الامام،
وإن تخلله منبر أو عمود، (ثم ما يليه) وهكذا.
وكذا إذا حضرت المرأة وحدها أو النسوة وحدهن فإنها تقوم، أو يقمن خلفه، لا عن اليمين ولا عن اليسار.
ولو حضر ذكر وامرأة قام الذكر عن يمينه، والمرأة خلف الذكر.
أو ذكران وامرأة صفا خلفه، والمرأة خلفهما.
(واعلم)
أن أفضلية الاول فالاول تكون للرجال والصبيان، وإن كان ثم غيرهم، وللخناثى
الخلص، أو مع النساء وللنساء الخلص، بخلاف النساء مع الذكور أو الخناثى،
فالافضل لهن التأخر، وكذا الخناثى مع الذكور.
وأصل ذلك خبر مسلم: خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها.
وخير صفوف النساء - أي مع غيرهن - آخرها، وشرها أولها.
وأفضل كل صف يمينه.
أي ما كان على يمينه، وذلك لما روي عن أبي هريرة: الرحمة تنزل على الامام،
ثم من على يمينه الاول، فالاول.
وكتب سم ما نصه: قوله وأفضل كل صف يمينه: لعله بالنسبة ليساره، لا لمن خلف الامام.
وعبارة
العباب وشرحه: والوقوف بقرب الامام في صف أفضل من البعد عنه فيه، وعن يمين
الامام وإن بعد عنه، أفضل من الوقوف عن يساره وإن قرب منه.
ومحاذاته، بأن يتوسطوه ويكتنفوه من جانبيه أفضل.
ولو
ترادف يمين الامام والصف الاول قدم - فيما يظهر - ويمينه أولى من القرب
إليه في يساره، وإدراك الصف الاول أولى من إدراك ركوع غير الركعة الاخيرة.
أما هي: فإن فوتها قصد الصف الاول فإدراكها أولى من الصف الاول.
يعني
لو تعارض عليه إدراك الصف الاول وإدراك ركوع غير الركعة الاخيرة، فإن ذهب
للصف الاول يفوته ركوع ذلك، وإن وقف في غير الصف الاول أدركه، فالاولى له
الذهاب إلى الصف الاول ليحوز فضله.أي فوت الركعة الاخيرة قصد الصف الاول،
بأن كان لو ذهب إلى الصف الاول رفع الامام رأسه من الركوع، ولو لم يذهب
إليه، أدرك ركوع الامام في الركعة الاخيرة.
(وكره) لمأموم (انفراد) عن الصف الذي من جنسه إن وجد فيه سعة، بل يدخله.
(وشروع في صف قبل إتمام ما قبله) من الصف، ووقوف الذكر الفرد عن يساره، ووراءه، ومحاذيا له، ومتأخرا كثيرا.
وكل هذه تفوت فضيلة الجماعة - كما صرحوا به -.
(قوله: وكل هذه) أي وكل واحدة من هذه الصور، وهي
الانفراد عن الصف، والشروع في صف قبل إتمام ما قبله، ووقوف الذكر الفرد عن
يساره أو وراءه أو محاذيا له أو متأخرا كثيرا.
ويسن أن لا يزيد ما بين كل صفين والاول والامام على ثلاثة أذرع.
ويقف خلف الامام الرجال، ثم الصبيان، ثم النساء.
(تنبيه) النسوة إذا صلين جماعة تقف ندبا إمامتهن وسطهن، لانه أستر لها.
ومثلهن العراة البصراء، فيقف إمامهم غير المستور وسطهم، ويقفون صفا واحدا إن أمكن، لئلا ينظر بعضهم إلى عورة أحد.
ولا يؤخر الصبيان للبالغين، لاتحاد جنسهم
(قوله: ولا يؤخر الصبيان للبالغين) أي إذا حضر
الصبيان أولا وسبقوا إلى الصف الاول، ثم حضر البالغون، فلا ينحى الصبيان
لاجلهم، لانهم حينئذ أحق به منهم.
(وقوله: لاتحاد جنسهم) أي أن جنس الصبيان والبالغين واحد، وهو الذكورية.
وأفهم التعليل المذكور أن النساء لو سبقن للصف الاول ثم حضر غيرهن يؤخرن لاجله، وذلك لعدم اتحاد الجنس.